Aarifah Khoodoruth is a fourth year student of BA in Arabic and Linguistics at SOAS who loves reading Arabic poetry, novels and short stories. Writing in Arabic is her passion; she writes commentary on Arabic poetry and novels because she passionately believes that these texts are worth talking about.

Read her commentary about the novel ‘The Shell: Memoirs of a Hidden Observer’ by Muṣṭafá Khalīfah. This piece was a winner of MULOSIGE’s Review and Publish project.

Aarifah Khoodoruth, SOAS University of London

الوطن حلم: كتاب القوقعة لمصطفي خليفة

القوقعة رواية تنتمي إلى أدب السجون من حيث أن مصطفى خليفة يصف الأيام التي قضاها في أحد السجون في سوريا. رغم أنّ الرواية تتضمن لقطات كئيبة للغاية، إلا أنّه يصعُب عليَّ أن أصرف النظر عن صفحاتها أثناء قراءتها. ولا غرو، فإنّ الباعث على ذلك هو أن مصطفى له أسلوب سلِس وموهبة عظيمة في أن يروي القصة فنتعَطّش لنعرف المزيد من حياته.

كفى حزنا أن الكاتب دخل السجن ظلما. وكل ما كان يحلم مصطفى خليفة أن يجد في سوريا عند عودته إليها بعدما تخرج في الجامعة في فرنسا، بقي للأسف حلما. لذلك، سوف أسلّط الضوء على حياة الكاتب في السجن كما ورد في الكتاب وحياته هذه هي الواقع البشِع عكس حلمه الحلو.

يصف مصطفى حنينه إلى بلده كـ”شعور أصيل”. ولكنّه لم يستطع أن يتلذّذ بجمال مدينته؛ بمجرّد أنه نزل من الطائرة، جاءت به الشرطة إلى السجن دون مبرّر.

تتمزّق قلوبُنا لمّا نصبح على الدراية في أية حالة كان مهجع السجن؛ كان هناك ستة وثمانون شخصا في مهجع مساحته ضيّقة جدا ولا يتّسع المهجع لكل شخص أن يستلقي. إلى جانب ذلك، هناك مرحاض واحد فقط لكل هؤلاء الناس. يؤسفني أن أقول أنّ معاملة السجناء في هذا المهجع أسوأ من معاملة الحيوانات ويسود ما هو أردأ من شريعة الغاب.

من الواضح أنّ الكاتب أصبح شخصا لا خلاقَ له عكسَ حلمه بأن يكون “صاحب حق” في بلده.

إنّ العلاقة بين رجال الشرطة والسجناء مثل العلاقة بين الصاحب وعبده بالضبط. يروي لنا الكاتب أن رجال الشرطة علّموه أن يناديهم بـ”يا سيدي” والكلمة “سيدي” “تحمل كلّ معاني الذل والعبودية. وفعلا، يُذلّ رجال الشرطة السجناء إذلالا ما بعده إذلالا.

وكما ورد في النص، بمجرد أنّ الكاتب دخل السجن كان يشمّ رائحة الدم. وكلما كان يتقدّم إلى داخل السجن، كان يسمع أصوات السجناء -الذين كانوا ضحايا للضرب والتعذيب- تتزايد. في بادئ الأمر، كان هناك عصبة حول عيني الكاتب فما كان يرى السجن بأمّ عينيه. وعندئذ يقول “عند الأعمى الصوت هو السيّد”. ولكن، تُخْلَع العصبة من عينيه فيما بعد ويتلصص مصطفى خليفة على السجن. يقول الكاتب “تمنيت لو بكيت قليلا”؛ رغم أنه يعاني معاناة شديدة، إلا أنه لا يستطيع أن يعبر عن آلامه بالبكاء.

إلى جانب الألم الجسدي، يعاني السجناء من الألم النفسي بلا ريب. يصف الكاتب أن الشعور بالخوف قوقعة. كم يُحزننا تشبيه الكاتب عند قوله: “كسلحفاة أحست بالخطر وانسحبت داخل قوقعتها، أجلس داخل قوقعتي…. أتلصص، أراقب، أسجل، وأنتظر فرجا”!

وفقا لي، تشكّل القوقعة سجنا أصغر داخل السجن الأكبر الحقيقي بالنسبة للكاتب. إذن، الكاتب في سجن داخل سجن. ما أقبح حالته!!

ليس ما قلته في هذا التحليل إلا القليل لكتاب القوقعة. أنصح لكل محبي الأدب قراءة هذا الكتاب لأنه من ناحية عن قصة حقيقية وبالنسبة إليّ، يستحق مصطفى خليفة انتباهنا في قراءة كتابه العظيم. أمّا من ناحية أخرى، فيعالج هذا الكتاب قضايا جدية وممتعة كثيرة ذكرتُ بعض الأشياء منها. وطبعا، للحديث بقية.